[asdmkh]

اليمام طائر يعشق الحرية

د. أحمد مصطفي كمال
مركز البحوث الزراعية


يعتبر اليمام من الطيور البرية الأصيلة في البيئة المصرية و التي تنتشر في ربوع مصر في المناطق الزراعية و عموم وادي النيل و يقطن أيضا أوروبا و آسيا و أفريقيا و هو يعرف بالإنجليزية باسم Doves و يتبع الرتبة Columbiformes و فصيلة Columbidae و هي نفس الفصيله التي يتبعها الحمام لذلك يشبهه في صفاته العامة و لكن اليمام يختلف عن الحمام في صفات كثيرة و من هذه الفوارق هو عدم إمكانية استئناس اليمام بينما يمكن استئناس الحمام بسهولة و جسمه أصغير حجما و لونه بنى محمر بطوق أسود حول رقبته أو بدون و أرجله عارية و رأسه غير مزين بريش أي لا توجد له شوشة و يختلف اليمام عن الحمام في الصوت فله صوت مخصوص يختلف عن صوت الحمام حيث أن لذكر اليمام صوت هديل مختلف عن هديل الأنثى و أهم أعدائه الصقر و البوم و الحدأة و الإنسان.


و يتنقل اليمام من مكان لآخر بحثا عن الطعام و رغم أنه يتكاثر و يحط كثيرا على الأشجار إلا أنه يقضي معظم وقته على الأرض بحثا عن الطعام أو للاستجمام و اللهو و قد يبتعد كثيرا عن مصادر مياه الشرب و الطعام القريبة و يقطع عدة كيلومترات يوميا إلي مصادر أخري يعتبرها أكثر أمنا فهي طيور تحب الهدوء و السكينة و الأمن و الأمان كما تعشق الحرية بكل ما تعنيه الكلمة فسبحان رب العزة.
و بصفة عامة يصعب التفرقة بين ذكر و أنثى اليمام بسبب تقارب الشكل، إلا أن حجم الذكر اكبر من الأنثى قليلا و الذكور يكون لون أقدامها أغمق من الإناث و تتغذي هذه الطيور علي الحبوب و العدس و الأرز و الذرة....الخ.
يفضل اليمام الطقس المعتدل للتكاثر و التزاوج و يناسبه لذلك فصلي الربيع و الخريف و لذلك يفرخ مرتين في العام مرة في مارس أي فصل الربيع عند قرب حصاد المحاصيل الشتوية و بخاصة القمح و أخرى في نوفمبر أي فصل الخريف عند حصاد
المحاصيل الصيفية و ذلك لتوفر الغذاء و ملائمة الطقس للتفريخ و للزواج طقوس و رقصات عجيبة يؤدها هذا الطائر مثل كثير من الطيور الأخرى حيث يتودد الذكر لأنثاه بخفض و رفع ذيله إلى أعلى و عادة ما يتم هذا العرض على الأرض و قد يخفض الذكر رأسه و صدره إلى الأرض و يرفع ذيله و أطراف جناحيه بصورة رأسيه فوق الظهر و ينحني الذكر لأنثاه كلما تبعها بضع خطوات و عادة ما تضع الأنثى بيضتين لونهما أبيض لامع , و يتبادل الزوجان حضانة البيض لمدة 13 يوما و تكبر الأفراخ بسرعة, حيث تفتح عينيها بعد يومين أو ثلاثة من فقسها و يبدأ ظهور الريش على الظهر و الجناحين و بعد ثلاثة أيام يتبعه ريش الذيل, و أخيرا ريش الرأس و الصدر بعد أربعة أيام و يكتمل نمو الريش عندما يبلغ الفرخ 14 يوما و يبدأ الأبوان في تعليم الأفراخ الطيران من عمر 16 يوما و يتبادل الأبوان على إطعام الأفراخ و طرد الأعداء و حماية العش حيث تشكل أسرة مترابطة فسبحان الله.


و اليمام طائر لا يستأنس و يصعب للغاية تربيته في أقفاص و إذا حبس اليمام فانه لا يفرخ إلا نادرا فإنه في الغالب يقطع البيض لتغير البيئة حتى يعود إلى حالته البرية أي طليقا و إذا أفلت فأنه لا يعود إلي مكان أسرة أبدا و لو كان أصله أفراخ ربيت في نفس المكان، و حتى إذا كان له أفراخه صغيرة ،لأنه يميل للحياة حرا فهو طائر يعشق الحرية بعيدا عن البشر.
و اليمام طائر ذو ذكاء فطري عالي جدا و قد يلاحظ في المناطق التي يكثر فيها القنص أن طيور اليمام تفر بمجرد أن تري ظل إنسان بينما في المناطق الأخرى التي
لا تتعرض فيها للخطر فإنها لا تأبه عندما تري البشر و قد يظل الطائر ينقر في الأرض أو يغازل الذكر الأنثى و بالقرب منه إنسان و الأعجب من ذلك أن هذه الطيور لا تشرع في إعداد أعشاشها للتكاثر و الزواج إلا عندما يقترب موسم حصاد الحبوب حني يتوفر لأفراخها الطعام فلا تشقي بهم فسبحان من فطر هذا الطائر و علمه.



و من عجائب هذا الطائر أيضا، سبحان الله أنه بعد هذا الارتباط الشديد بين الزوجين و الحب و الترابط الكبير بينهما فانه إذا حدث مكروه للذكر كأن إصابته رصاصة صياد فجرح أو مات لسبب ما و هو بجانب الأنثى فإنها تسارع بالهرب و الفرار تاركه إياه إلي مصيره أما إذا حدث العكس و أصيبت الأنثى فيظل الذكر بجانبها يزوم و يعبث هنا و هناك و لا يغادرها أو يفارقها حتى يصاب برصاصة الصياد فيرقد بجوارها و كأنما قد وضع الله تعالي في رأس الأنثى شيئا أخر و هو أفراخها الصغار في العش فلا بد أن تفر إليهم و أما الذكر فانه يعلم أن العش و الأفراخ لا حياة لهم من دون أنثاه و لعلنا نحاول فهم هذا السلوك العجيب من هذه الطيور الرائعة و سبحان الله.

د. أحمد مصطفي كمال
استاذ مساعد بمركز البحوث الزراعيه- مصر